> علم > المدونة > التأثير الواعي واللاواعي في التسويق

التأثير الواعي واللاواعي في التسويق

14/12/2022




يمتلك الإنسان عقلًا واعيًا وعقلًا لاواعيًا، أو كما يسمى "العقل الباطن"، يستخدم العقل الواعي المنطق والمعتقدات واللغة والذاكرة والإدراك النفسي والمكاني، في حين أن العقل اللاواعي قوة خفيّة وكامنة وبعيدة المدى، يتم فيه تخزين التجارب والأفكار والأحاسيس والخبرات، التي يتم استرجاعها عند حاجتها من خلال فكرة أو شعور، لذلك إن جزءًا كبيرًا في صياغة الإعلانات التسويقية تعتمد على استهداف العقلين معًا، فكلما تمكن الكاتب التسويقي من صياغة إعلان متكامل الأركان كلما استطاع الوصول إلى عقول الأشخاص المتلقين ومشاعرهم بنجاح.

لكن كيف يحدث ذلك؟ وما الفرق بينهما؟ وهل عقلنا الاواعي هو من يقوم باتخاذ قرارات الشراء بدلًا من عقلنا الواعي.. أم العكس؟

في البداية يكمن الاختلاف الرئيسي بين العقل الواعي واللاواعي في الوظائف الأساسية للإنسان والعمليات العقلية:
العقل الواعي: يتحكم في العمليات العقلية المنطقية التحليلية مثل التواصل عبر اللغة ومحاولة فهم المشكلات وإدراك الأحداث في الوقت الحاضر، والانتباه إلى المعلومات لكن بشكل محدود التركيز، حيث أنه يدرك فقط من 5 إلى 9 معلومات بالثانية.
العقل اللاواعي: يتحكم في العمليات الحدسية التخمينية اللاإرادية مثل الحركات الجسدية وتعبيرات الوجه وإدراك الأحداث في الماضي والحاضر والمستقبل، كما أنه ينتبه ويحفظ المعلومات بشكل غير محدود التركيز حيث يدرك 2 مليوني معلومة في الثانية.

وفي المقابل يتمحور دور قسم التسويق داخل أي مؤسسة حول زيادة العملاء والحفاظ عليهم بشكل مستمر، ومن أجل تحقيق هذا يجب عليهم دائمًا متابعة سلوكيات العملاء وتحليلها وتحديد جميع العوامل المؤثرة عليهم في اتخاذ القرارات وذلك عن طريق الإعداد الناجح للإعلانات بين لغة ميتا وميلتون (المنطق والعاطفة) اللتين تخاطبان العقل الواعي واللاواعي لديهم؛ من خلال استعمال آلية إرخاء الوعي عند المتلقي حتى يتم تخزين المنتج المُعلن عنه في الذاكرة من أجل تذكر المنتج واسترجاعه عند الحاجة إليه.

وفيما يلي بعض الآليات المستخدمة في إرخاء الوعي كما ذكرها الكاتب محمد صبحي في كتابه "أسرار الصياغة الإبداعية التسويقية":
التشويش: يمكن إرخاء الوعي من خلال الموسيقا المتداخلة والرسوم والحركات الإعلانية العشوائية التي تعمل على إشغال العقل الواعي، مما يجعل الكلمات الإعلانية المراد توصيلها تنفذ بسهولة إلى العقل اللاوعي.
الإثقال: تشتيت العقل الواعي بإثقاله بأكثر من 7 معلومات في آنٍ واحد، عندها سيقوم العقل الواعي بتحويل المعلومات الفائضة إلى العقل اللاواعي لتخزينها في الذاكرة البعيدة.
الإملال: إن عدم وضوح المعلومات والأصوات مثل الهمسات تؤدي إلى إرخاء وفتور العقل الواعي وتشغيل اللاواعي لا إراديًا لتخزين المعلومات في الذاكرة على المدى البعيد، فينبغي على الكاتب التسويقي أن يحدد ما يريد تقديمه للعقل الواعي وما يريد إدخاله للعقل اللاواعي.
الإشغال: إرخاء الوعي من خلال إشغاله بالأمور التي يحبها الإنسان ثم إقامة رابط لغوي للنتيجة المطلوبة.


قلّما يشاهد الإنسان الإعلانات أو ينتبه لها، بل قد يصرف تركيزه على شيء آخر لحين انتهائها، ولكن جذب اللاوعي قد يشدّ انتباه المتلقي إذا قامت على آليات صحيحة ومدروسة، كل شيء قابل التحقيق، الفرق يكمُن في كيفية تسخير هذه القوى لتحقيق أكبر فائدة ممكنة.